رغم الحصار الحديدي الذي عاشته لأكثر من ساعة ونصف بين أكثر من 20 صحفياً بقصر المؤتمرات في أبوظبي، إلا أن إجابات النجمة الجميلة لطيفة أتت لتؤكد أنها تحمل روحاً بداخلها تتطابق مع اسمها.
لطيفة الفنانة التونسية التي اعتادت القفز من فوق حدود الأوطان والانتماء بقلبها وفنها على كل الأوطان العربية، كانت ضيفة المائدة المستديرة التي جمعتها بالنقاد والصحفيين على هامش فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي، حيث كشفت لطيفة النقاب عن خبايا الأعمال السينمائية والغنائية المستقبلية، التي تعتزم تقديمها كما وجهت الشكر إلى إدارة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي لإتاحته الفرصة أمامها للحضور فيما أسمته "التظاهرة العربية والعالمية" لما اشتملته على لفتات فنية تاريخية قومية وعروبية، التي جعلت من المهرجان شبيهاً بصورة القائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كونه تميز بين مهرجانات السينما العربية والعالمية بلفتته إلى أفلام فلسطين في الذكرى الستين للتقسيم، ولفتته في تخليد ذكرى المخرج السينمائي المبدع يوسف شاهين، ولفتته في إفساح المجال أمام إبراز صورة الصناعة السينمائية النسوية، من خلال برنامج "المخرجات النساء"، وأخيراً من خلال لفتته في تكريم المخرجة اللبنانية الراحلة رندة الشهال، والتي كان للطيفة تعاون معها في فيديو كليب لإحدى أغنياتها.
جاء ذلك، في حوار الطاولة المستديرة الذي انعقد في فندق قصر الإمارات، مساء الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين الأول،
حيث تابعت لطيفة الحديث قائلةً "أنا سعيدة بوجودي في المهرجان كوني لم أضيع وقتاً والتقيت بنجوم السينما العالميين والعرب، وكنا متوحدين في حبنا للسينما والإبداع."
وكشفت الفنانة لطيفة عن أنها تسهر طوال الليل على الهاتف مع الكاتبة أحلام مستغانمي في الإعداد لعمل سينمائي تقوم لطيفة فيه بالتمثيل والسيناريو والقصة من كتابة مستغانمي.
وعن عملها مع المخرج الراحل يوسف شاهين، قالت "فيلمي مع يوسف شاهين (سكوت حنصوّر) دفعني إلى اكتشاف ذاتي وما بداخلي من طاقات فنية. وقال لي يوسف شاهين في آخر لقاء بيننا في عيد ميلاده الأخير، وكانت كلماته وصية بالنسبة لي (يا بت اعملي سينما، إنتِ حتموّتيني)."
وتقول لطيفة "انشغلت بعد فيلم (سكوت حنصوّر) بعمل (حكم الرعيان) مع منصور الرحباني، وبعدها بالعمل مع زياد الرحباني، وأعتبر أننا في الوطن العربي نفتقد فعلاً المسرح الغنائي الهادف، وأنا التي تمنت منذ طفولتها أن تقوم بالتمثيل في المسرح الغنائي، ولم تتح لي الفرصة إلا مع (حكم الرعيان)."
وكشفت لطيفة أنها تستعد للعمل مع الكاتب أحمد صالح، الذي اعتبرته من أهم الكتّاب في السينما العربية، وقالت عنه إنه أخ عزيز وكاتب وأديب كبير، يسعدها أن تعمل معه بعد الانتهاء من العمل مع أحلام مستغانمي.
كما أعلنت عن استعدادها للقيام بجولات في أوروبا والعالم العربي في ألمانيا والكويت وغيرهما، لإحياء حفلاتها الغنائية، وبالنسبة إلى العمل في التمثيل السينمائي بعد تجربتها مع المخرج الكبير يوسف شاهين، وخوفها من المغامرة والتجريب، قالت: "مَن لا يغامر يترك الفن، والفن في رأيي مغامرة وجرأة وتجربة واختيار وثقة، ولأني اشتغلت مع شاهين أغامر."
وأشارت إلى أن الجرأة في الأعمال التي قدّمتها ترجع إلى البيئة التي تربّت فيها في تونس، لأنها بيئة منفتحة على كل الثقافات، وهذا يعود برأيها إلى أن البيئة التونسية تعيش الحرية التي تؤمن بجدية الفن الذي هو رسالة يعطيها الله للفنان.
وبالنسبة إلى تجربتها مع الفنان زياد الرحباني قالت لطيفة إنها قصدت الوضوح في المعاملة والجرأة، وهذا ما حدث معها بالنسبة إلى "يا أبيض يا أسود"، فقد تمسكت بالورق لأنني أردت تمثيل دور غير دور المرأة المحبطة المستسلمة وأردت أن أجسد المرأة القوية التي تُخرج ابنها قوياً لا مهزوزاً ضعيفاً، وكشفت عن أن أمها هي التي ربتها على أن الوطن العربي كله هو بلدها، وقد قصدت إرسال الرسائل الوطنية عبر أغانيها وأعمالها، لأنها ترفض أن تكون مهزومة وقالت "لو آمنت بأني مهزومة فسأكون كافرة، وأنا أشكر الله على كل النعم التي أعطاني إياها، وأتقبل قدري بكل إيجابية، مع أنني لستُ امرأة قوية ولي نقاط ضعفي، ومن نقاط ضعفي أنني أغار على عروبتي وأصرخ وأبكي، وأنهار لما يحدث للبلاد العربية."
وعن الرجل الذي تحلم به لطيفة فهو مؤمن وصادق وليس طاغية بأي حال من الأحوال، وعن السياسة وتورطها فيها، قالت "الماء الذي نشربه يتعلق بالسياسة، والهواء الذي نتنفسه هو سياسة، والخبز الذي نأكله سياسة، والسياسة بالنسبة لي ليست كراسي حكم ووزارات، بل هي العلم لأولادنا، والموقف ضد احتلال بلد بذرائع واهية."
واعتبرت الفنانة لطيفة أن الشعر العربي والقصائد بالنسبة إليها هي روح الغناء، إذ إنها غنّت كثيراً من القصائد الوطنية لأبي القاسم الشابي وغيره من الشعراء القدماء والمعاصرين، كما غنّت القصائد العاطفية الكثيرة، والتي آخرها ما ستقوم بغنائه قريباً من تلحين الفنان كاظم الساهر، ومن كلماتها "إني أحبك كيفما تشاء/ وطني أحبك كما تشاء"، مشيرةً إلى أن قالب القصيد في المجال الفني من أهم القوالب، وأنها تعشق اللغة العربية الفصحى، وأنها ستغني أربع أغنيات جديدة مع محمد حسن.
وعبّرت الفنانة لطيفة عن أسفها من أن العالم العربي لم يتلقف الثروة الأدبية التي مثّلتها أحلام مستغانمي، منذ روايتها الأولى، فهي برأيها كما نزار قباني الشعر ولكن في الرواية، واعتبرت أن المال لا يساوي شيئاً أمام الأدب، والأدب بالنسبة إليها أغنى وأقوى وأبقى، وقالت "أنا فنانة ومعتزة جداً بكوني فنانة في عالم عربي يحترم الفن ويقدّر الفنانة الحقيقية، وأنا أغني بقناعة وأعيش حالات الحزن والفرح، وبالنسبة لي فإن أطول لحظة حزن عشتها كانت يوم وفاة والدي."
وختمت الفنانة لطيفة بالقول "يجب على الفنان أن يصلي لله على نعمة الفن، وأنا فرحة جدا بالعيش في هذا الزمن، وكل الفنانين تعذبوا كما نتعذب، ولما يكون عمل الفنان مع جمهور يثق به ويحبه فإنه ينجح بالتأكيد. وبالنسبة للفن الخليجي فأنا أحبه جداً، ولي عملان سيريان النور قريباً مع ناصر الصالح، كلمات منصور الشابي، وإن شاء الله سنصوّرهما قريباً."
وأشارت إلى أنها كانت فخورة جداً بالغناء مع الموسيقار نصير شمة أغنية "سلام على دار السلام" أمام الجمهور التونسي، قائلةً "ما دفعني للقيام بهذه الخطوة ثقتي بالجمهور التونسي، وهو جمهوري الذي أحب فيه أنه ملتزم بالقضايا العربية الكبرى في فلسطين والعراق، وغنائي مع نصير شمة كان ضمن حملة تبرع لصالح اللاجئين العراقيين في سوريا، وهناك مشروع سيتم في شهر إبريل/نيسان القادم معه في أبو ظبي."
Saturday, October 18, 2008 00:00 GMT